الكون هو كل شي في هذا الوجود من مادة وطاقة , و مادته الصغيرة من كواركات
والكترونات وغيرها متماسكة مع بعضها لتكوين أجزاء اكبر هي الذرات والتي
بدورها وبتماسكها مع بعضها تشكل الجزيئات , والجزيئات تجتمع مع بعضها لتكون
الغبار والأجرام السماوية التي منها النجوم والكواكب والأقمار والكويكبات
والشهب وغيرها , وتجتمع النجوم ضمن مجموعات كبيرة جدا تعرف بالمجرات والتي
توجد بدورها ضمن مجموعات أكبر تدعى عناقيد المجرات والتي تجتمع مع بعضها في
ما فوق العناقيد المجرية مكونة الكون الكبير ضمن حلقة دائرية كبيرة تمتد
من الكوارك حتى المجرة .
ويحتوي كوننا على العديد من الأسرار والألغاز لعل من بين أشدها غموضا لغز
الثقب الأسود الخفي , الذي يعد من أكثر الأسماء غرابة في عالم الفيزياء
وأكثر الظواهر إخافة , وهي نقاط رعب في السماء , ويعتقد بأن الثقوب السوداء
قد تكون الأداة الكونية التي سخرها المولى عز وجل لطي السماء وما يحيط بها
من أجرام , راتقة الكون في نقطة تفرد كما بدا. قال تعالى ( يوم نطوي
السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده ) .
وقبل الحديث عن الثقب الأسود يجب التعرف على النجوم بشكل أكثر ؛ و معرفة
كيف تولد وكيف تعيش؟ وكيف تموت ؟ وكيف وصل بها المطاف لتصبح ثقبا اسود في
هذا الكون .؟
حياة النجوم :[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]ولدت النجوم بعد ولادة الكون , فبعد الانفجار العظيم ظهرت ذرات الهيدروجين
الثقيل (الأول) واجتمعت هذه الذرات مع بعضها ومع الغبار الكوني فيما يعرف
بالسديم الذي هو عبارة عن سحابة من الغاز والغبار الكوني ونتيجة لوجود ذرات
الهيدروجين وبتأثير من قوة الثقالة تتقلص السحابة وتزداد درجة الحرارة
والضغط حتى تقترب الذرات من بعضها البعض لمسافات معينة تظهر عندها أثر
القوة النووية حيث يندمج الهيدروجين مع بعضه ليكون الهيليوم ويشع باقي
الكتلة طاقة وينبعث الضوء حسب معادلة اينشتاين , وتعد هذه اللحظة بالذات
ولادة النجم , وينتقل بعدها النجم لحياته الطبيعية التي يستهلك خلالها
غذائه النووي ويقدر عمر النجوم من خلال مدى إشعاعها ( أي اللون الذي تظهر
فيه ) , فنجم مثل شمسنا ( التي تعتبر من النجوم المتوسطة ) يقترب لونها من
البرتقالي ويقدر عمرها بعمر الشباب , ويوجد بها وقود يكفي خمسة آلاف مليون
سنة فقط !! وبانتهاء التفاعلات النووية في باطن النجم تبدأ مرحلة جديدة هي
مرحلة الشيخوخة أو مرحلة الموت حيث تتحول النجوم إلى عمالقة حمراء نتيجة
القوى الشديدة داخلها , وبتوالي عمليات الاندماج النووي يأخذ النجم في
استهلاك طاقته دون إمكانية إنتاج المزيد منها مما يؤدي إلى تقلصه في الحجم
وبذلك يصبح النجم كثيفا بما فيه الكفاية وعندها تصبح قوة التنافر أقل من
قوة الجاذبية وتعرف بحدود ( شاندرا زيخار ) وعندها فان مصير النجم سيحدد
طبقا لمقدار كتلته .
الحالة الأولى : إذا كـانت كتلة النجم
مثل كتلة الشمـس أو اقل قليلا فان النجم يتقلص متحولا لقزم ابيض ذو حجم
مثل حجم الأرض وذلك لان قوة التنافر بين الالكترونات اكبر من باقي القوى
ولا يشع القزم الأبيض .
ومن امثلته الشمس التي ستبتلع كوكب عطارد والزهرة والأرض والمريخ وتصل
لحدود المشتري وذلك في مرحلةالعملاق الأحمر وتعود بعد فترة كونية لقزم
ابيض.
ا
لحالة الثانية : إذا كانت كتلة النجم اكبر
من كتلة الشمس بـ 1,4 فانـه أثناء نضوب طاقته سيتهاوى تلقائيا , وخلال هذا
الانهيار فان الالكترونات السالبة الشحنة والبروتونات الموجبة الشحنة ستتحد
مكونة نيترونات متعادلة الشحنة , ويتوقف هذا الانهيار عندما يصبح ضغط
النيترونات عاليا ليساوى تأثير قوة الجذب للداخل ( أي أن الضغط الغازي
يماثل قوة الجاذبية ) وبذلك يصبح ما بقي من مادة النجم نجما نيترونيا ذا
نصف قطر يصل إلى عشرات الأميال مع كثافة عالية تعد بمئات الملايين من
الأطنان في السنتيمتر المربع .
الحالة الثالثة : إذا كانت كتلة النجم اكبر
بثلاثة أضعاف كتلة الشمس , فلا يتمكن أي من الالكترونات أو البروتونات من
مقاومة عملية ألتقص ألتثاقلي للنجم وسيستمر النجم في الانهيار حتى تنضغط
جميع كتلته في نقطة ذات كثافة لا نهائية تـسمى ( نقطة التفرد )
وقبل الوصول لهذه المرحلة فان النجم المـنهار سيعبر من داخل نصف قطر
شـوارزشيلد الخاص به مختفيا عن الأنظار ومكونا ( الثقب الأسود ) وهذه
المرحلة لا يمكن إدراكها بصورة مباشرة , ولكن يمكن تحديد مواقعها بعدد من
الملاحظات غير المباشرة مثل صدور موجات شديدة من الأشعة السينية من الأجرام
الواقعة تحت تأثيرها , أو اختفاء الأجرام السماوية بمجرد الاقتراب من مجال
جاذبيتها .
صورة ابتلاع الثقب الأسود لأحدىـ النجــــــوم: هل الثقوب السوداء هي ثقوب فعلا...؟
الثقوب السوداء ليست ثقوبا على الإطلاق وإنما نقيض ذلك بحيث إنها كتلة
كبيرة انكمشت إلى حجم صغير جدا ذو كثافة عالية , وطبقا لنظرية اينشتاين ,
فان قوة الثقالة في جرم كالثقب الأسود تعد كبيرة جدا بحيث أنه يجب إليه كل
من جاوره من مادة وضوء . والآن يمكننا تعريف الثقب الأسود ..
تعريف الثقب الأسود : هو عبارة عن منطقة في الفضاء الزمكاني تكون فيها الجاذبية قوية جدا , بحيث
لا يمكن أن ينفلت منها أي ضوء أومادة أو إشارة من أي نـوع , وهذا إما يكون
نتيجة انهيار نجوم عملاقة بعد أن تنتهي عملية التوازن بين الضغط والجاذبية
نتيجة حرق المواد الخفيفة وتحولها لمواد ثقيلة كالحديد , وإما أن يكون
نتيجة تمركز كتلة كبيرة جدا من عشرات النجوم في حيز صغير نسبيا في قلب
المجرة .
[size=21]ماهي الثقوب السوداء...؟يتكون الثقب الأسـود البسيط غير الدوار , من نقطة تفرد مركزية تحيط بها
منطقة كروية لها نصـف قطر يسمى شعاع شوارزشيلد وفي نصف القطر هذا تكون
الجاذبية قوية جدا ولا يمكن لأي شيء الهروب منه , وتسمى حدود تلك المنطقة
بـ ( أفق الحدث ) وهـي عبارة عن حدود منطقة الزمكان ( الزمان 0المكان )
التي لا يمكن الإفلات منها ,وتعمل على شكل غشا ذو اتجاه واحد وهو داخل
الثقب لا خارجه وهو مسار الضوء في الزمكان وهو يحاول الإفلات من الثقوب
السوداء .
وبما انه لا شي يسـير أسرع من الضوء فان أي شي يقع في هذه المنطقة سوف يبلغ
بسرعة منطقة ذات كثافة عالية ونهاية الزمان , أي انه لا تصل معلومات ولا
أي حادث ممكن حصوله داخل تلك الحدود ( حدود أفق الحدث) والى العالم الخارجي
. ومن المعروف من قوانين النسبية العامة أن المكان والكتلة كميتان
مترابطتان , فالكتلة تسبب ميل المكان وانضغاطه , والمكان يحدد مسار المادة .
ففي الفضاء العادي كلما زادت الكتلة زاد الميل , وإذا زادت الكتلة بشكل
كبير جدا تصبح نهاية الميل نقطة شاذة تكون عندها الجاذبية عالية لا يفلت
منها الضوء وهي الثقب الأسود .
وهذه صورة بدائية بسيطة توضح الثقب الأسود , باعتبار سرعة الهروب اقل ما
يمكن والكتلة لانهائية , وبذلك فان الطاقة الكلية تساوي الطاقة الحركية
بالإضافة لطاقة الوضع :
Et = ½ m v² - (G m M)/ R وإذا اعتبرنا الطاقة الكلية محافظة ( أي أنها تساوي صفر ) , فإننا نستطيع إيجاد سرعة الهروب والتي تعطى بالمعادلة :
v = √(2GM)/R نفرض أن جسما سرعة هروبه هي سرعة الضوء , وعلى ذلك فان نصف القطر لهذا الجسم R هي :
R = (2mG )/C² حيث m هي كتلة الشمس ..
وبالتالي نجد أن :
R = 3m km وهذا يسمى نصف قطر شوارزشيلد وهو اقل قطر ثقب اسود , وعند هذا القطر نجد إن الكثافة تساوي