تاريخ قرية الغرق
تعد قرية الغرق من أكبر قري مصر علي الإطلاق وأكثرها عراقة وتاريخا، فهي القرية التي يمكن أن يكون عمرها قريبا من عمر مصر فقد اشتق اسمها من مياه النيل بالرغم من عدم وقوعها علي شاطئه، لكنها كانت منخفضة لدرجة أن مياه فيضان النيل كانت تغرقها تماما ومن هنا سماها أهلها قرية الغرق.
يتجاوز عدد سكان القرية وتوابعها 250 ألف نسمة ويتبعها أكثر من 75 نجعاً وعزبة وقرية منها: الغرق قبلي وبحري ودانيال ومنشأة عبد المجيد وخليل وجبر وعنك، وتمتد حدودها إلي الجماهيرية الليبية من الناحية الغربية الجنوبية جهة ناقولا، وكانت هناك معسكرات علي الحدود ما زالت آثارها موجودة، كما يوجد طريق سري منها إلي ليبيا مباشرة من ناحية العزب الغربية
ما زال بعض المهربين يسلكونه حتي الآن.
وترتبط قرية الغرق بالدولة الليبية ارتباطا وثيقا حتي إن سوق القرية يعتبر سوقا للمنتجات الليبية،والطريف أن هذا السوق يعد أكبر أسواق محافظة الفيوم ويرتاده المواطنون من محافظات المنيا وبني سويف والجيزة إذ يوجد به ما لا تراه إلا في ليبيا ويتم نقل البضائع بين القرية وليبيا أسبوعيا، كما يعمل أكثر من 30 شاباً من القرية في الجماهيرية حتي إنه لا يوجد بيت في القرية إلا وبه شخص أو اثنان يعملون هناك.
وينحدر عدد من قبائل القرية من القبائل الليبية مثل قبائل الفوايد والرماح والسمالوس وما زال الترابط بينهم وبين أهلهم في ليبيا حتي الآن لدرجة أن لهم معاملة خاصة حتي الآن في الجوازات الليبية ببطاقة تسمي (ص ش) أي الصحراء الشرقية كما أن هناك سيارات أجرة تتجه مباشرة من الغرق إلي ليبيا.
وكانت القرية تسمي قديما "الغرق السلطانية" لأن والي مصر محمد علي باشا زارها وذهب إلي مكان يعرف إلي الآن باسمه «منشأة محمد علي» أو «البرنس» ليطمئن علي بعض فرق جيشه كانت موجودة هناك، كما زارها الرئيس جمال عبد الناصر في الستينيات لافتتاح أحد المشاريع، كما يوجد بالقرية أقدم نقطة شرطة في مصر تقريبا إذ تم افتتاحها عام 1906 وتجاوز عمرها مائة عام ويؤكد الكثير من أهلها أن قريتهم كانت تساند المجاهد عمر المختار في حربه مع الاحتلال الإيطالي وأبلوا بلاء حسنا في مساعدة المجاهدين.
وعلي الرغم من الأهمية التاريخية لهذه القرية فإنها كبقية القري في المحافظة لم تمتد إليها يد التطوير والتغيير، إذ تحول الكثير من منازلها إلي برك ومستنقعات لمياه الصرف الصحي حتي إن منطقة الورشة غرب القرية تهدم بها أكثر من 300 منزل بسبب مياه المجاري والمياه الجوفية وهناك منازل لا تزال غارقة تماما في مياه الصرف الصحي وهجرها أهلهابعد أن تعذر عليهم دفع 20 جنيها أسبوعيا للوحدة المحلية لكسح مياه الصرف.
أما مياه الشرب فهي قليلة جدا في القرية وتوجد عزب بكاملها لا يوجد بها مياه للشرب نهائيا مثل عزب الشيخ سليم وأبو حربة والمديرية والخمسين والجراي المستجدة وبالرغم من قيام أهالي هذه العزب بالتظاهر عدة مرات أمام مكتب محافظ الفيوم فإن أحدا لم يلتفت إليهم.
كما تعاني القرية وتوابعها من أزمة كبيرة في مياه الري فهناك أكثر من 50 ألف فدان مهددة بالبوار في الموالك والمحمودية والكاشف خاصة أن القرية تقع في نهايات بحري الجرجبة والغرق، وعلي الرغم من حرمان أهالي هذه القري من زراعة الأرز فإن مياه الريما زالت علي حالتها.
كما زادت وتيرة التعديات علي الأراضي الزراعية وأراضي الدولة في القرية نظرا لارتفاع ثمن الاراضي هناك، فقد وصل سعر قيراط الأرض الزراعية في مدخل القرية بمنطقة العوينات إلي 200 ألف جنيه، كما وصل السعر في العزب التابعة للقرية إلي 150 ألف جنيه، وبالرغم من المساحة الكبيرة للقرية وكثرة سكانها فإن أهلها يعانون من توزيع مقعدي مجلس الشعب بالدائرة التي تقع القرية في نطاقها بالوراثة علي عائلتي الباسل والمليجي منذ عشرات السنين ويحرم أهل القرية من وجود نائب يمثلهم سواء في مجلس الشعب أو مجلس الشوري .