الخوف من الموت يعني حياة دون حياة
سأل احد الاشخاص شيخ سؤال :
كثيراً ما يأتيني الخوف من الموت بقوة شديدة.. والخوف من ترك هذه الدنيا الرغيدة بما فيها من جمال وصداقة ومحبة... فكيف من الممكن أن أعيش براحة واسترخاء رغم أن الموت مكتوب ومحتوم؟
فأجابه الشيخ بجواب رائع ومقنع .........
أولاً، لا يمكنك أن ترتاح وتطمئن إلا إذا كان الموت محتوم ومؤكد!.. الاسترخاء صعب جداً عندما تكون الأشياء غير مؤكدة.
قال لنا النبي موتوا قبل أن تموتوا.. إذا علمتَ أنك سوف تموت اليوم، تأكد أن كل مخاوفك من الموت ستختفي فوراً.. فما الفائدة من إضاعة الوقت؟ ليس لديك إلا يوم واحد لتعيشه، لذلك عش يومك بحيوية من كل قلبك...
عندها ربما لن يأتي الموت..
الموت لا يمكن أن يأتي للناس الذين يعيشون بكليّة وحيوية قوية...
حتى لو أتى، ستجد أن الناس الذين عاشوا فعلاً سيستقبلونه ويحتفلون به لأنه مجرد استراحة... لقد عاشوا وتعبوا من الحياة التي عاشوها لأقصى درجاتها، عندها يتحول الموت من عدو إلى صديق... تماماً مثلما يأتي الليل بعد تعب يوم كامل من العمل النشيط، فتحصل على نوم جميل بسلام وراحة عميقة، هكذا يأتي الموت بعد الحياة.
ليس في الموت أي شيء بشع أبداً.. ولا يمكنك إيجاد أي ظاهرة أنقى وأرقى منه.
إذا دخل الخوف من الموت في نفسك، فهذا يعني أن هناك بعض الفجوات في حياتك لم تملأها بعد... لذلك تلك المخاوف قد تكون إشارات مفيدة لك.. تقول لك أن قلبك يجب أن ينبض أسرع قليلاً، وأن ترقص بسرعة أكبر، وتشعل شمعة حياتك من الجهتين سوية!
فارقص بسرعة هائلة حتى يختفي الراقص وتبقى الرقصة...
غنّي بأنغام رائعة حتى يختفي المغني ويبقى الغناء...
وعندها لا يمكن لأي خوف من الموت أن يعكر السماء...
تسألني عن الخوف من ترك الدنيا وجمالها والحب فيها... إذا كنتَ تعيش فعلاً "هنا والآن"، فمن يهتم بما سيحدث غداً؟ الغد سوف يعتني بنفسه لوحده.. لهذا قال المسيح ربنا أعطنا خبزنا كفاف يومنا... لم يسأل حتى عن طعام الغد، اليوم كافي بحد ذاته.
وعليك أن تتعلم أن كل لحظة فيها دهر كامل داخلها...
الخوف من أن عليك ترك الدنيا وما فيها،
يأتي فقط من كونك لا تعيش في اللحظة بشكل كامل..
وإلا فلا يوجد هناك زمان ولا يوجد هناك مكان..
ولا يوجد هناك فكر يا إنساااااااان.
سأل أحدهم تاجراً عن عمره، فأجاب: "عمري ثلاثمائة وستين سنة"
لم يصدق الرجل ما سمع وقال: "عفواً هلا أعدت جوابك؟ ربما لم أسمع بشكل صحيح"
أجاب التاجر صارخاً: " ثلاثمائة وستين سنة!"
قال الرجل: "سامحني لكن لا يمكنني أن أصدق هذا.. لا يبدو أن عمرك أكبر من ستين سنة!"
أجاب التاجر: "نعم معك حق... بالنسبة للتقويم السنوي عمري ستون.. لكن بالنسبة للحياة التي عشتها، عشتُ ستة أضعاف الحياة التي يمكن أن يعيشها أي شخص آخر... استطعتُ أن أعيش ثلاثمائة وستين سنة خلال ستين سنة".
الأمر يعتمد على شدة الحياة عندك
وهناك طريقتان للحياة....
الأولى هي طريقة الأبقار، تعيش دوماً بشكل أفقي في خط مفرد وتكرر نفس الأشياء... والثانية هي طريقة الأنبياء وحاملي الأنوار، يعيشون بشكل عامودي بارتفاع شاهق وعمق سحيق... عندها تصبح كل لحظة أبدية لا نهائية.
فلا تضع وقتك بالتفاهات ونشرات الأخبار ومسلسلات العواطف والهزيمة والانتصار... ابدأ بالحياة الحية، بأغنية ورقصة ومحبة عفوية، عش بشدة واجعل الحياة تفيض منك قدر ما تستطيع، فبهذا أنت تصنع واقعك، وعندها لن يتدخل أي خوف في حياتك ولن تقلق أبداً عما سيحدث يوم الغد...
اليوم الحاضر حاضر وكافي بذاته... عندما تعيشه بشكل كامل سيملأ كيانك ولا يترك فراغاً للتفكير بأي زمن آخر... أما الحياة التي تعيشها بتردد وقلب ضعيف ستمتلئ بالقلق ورعب الموت المخيف!
عش حياتك فحسب..
أحب... واجعل كل لحظة نشوة وصحوة..
وقل وداعاً للخوف.. من يخاف لا يمكن أن يحب
ومن يحب لا يمكن أن يخاف...
مما راق لي